الفن المصري القديم | المحاضرة الرابعة: تابع مدرسة منف الفنية المثالية في مصر القديمة

الفن المصري القديم | المحاضرة الرابعة: تابع مدرسة منف الفنية المثالية 

ثالثاً: الأختام الأسطوانية ( نحت غائر ):

رغم أن فكرة هذه الأختام وافدة من بلاد ما بين النهرين إلا أن الطابع المصري متأصل فيها، وموضوعاتها لا تختلف عن موضوعات البطاقات العاجية أو الخشبية وكان لها أهميتها التاريخية والفنية من حيث إنها مثلت أحداث تاريخية ومناسبات وأعياد رسمية. كما صور عليها التقدمات والإنجازات. وكذلك شملت الأسماء الحورية وألقاب الملك ومنها خاتم الملك (حورعحا). فهذه الأختام كانت تشير إلي مدي التطور الفني في فن النحت الذي تم توظيفه واستخدامه كأختام.

رابعاً: اللوحات الحجرية المنحوتة داخل المقابر الخاصة بملوك هذا العصر:

بداية ظهور اللوحات الحجرية المنحوتة داخل المقابر كانت مع فكرة ظهور الأبواب الوهمية التي نفذت بطريقة اغلنحت البارز أو الغائر، وصارت بعد ذلك من العناصر المعمارية الهامة في المقابر والمعابد الملكية علي مر العصور التاريخية. ومن أهم نماذج هذه اللوحات الحجرية:

لوحات مقابر الملوك:

غالباً ما تكون تلك اللوحات مصنوعة من الحجر عليها نحت بارز يمثل الاسم الحوري للملك في الجزء العلوي منها يأخذ شكلاً نصف دائري، مستطيل الشكل ومن أجمل تلك اللوحات تلك التي عثر عليها في مقبرة الملك الثعبان  (الملك دجر)، والملك (خم سخم) بأبيدوس.

 لوحات مقابر الأفراد:

وهنا تختلف كلمة الأفراد في دلالتها بين خين وآخر. فالفرد يمكن أن يكون خادماً أو تابعاً أو رجلاً بسيطاً أو يكون من أكابر القوم وأشرافهم وكبار رجال الدولة. وقد تنوعت لوحات مقابر علي حسب الأغراض فيها، فمنها ما يظهر الألقاب والوظائف مع تصوير صاحب اللوحات لكي يوضح مكانته في المجتمع، ومنها ما يظهر المتوفي وهو جالس أمام مائدة القرابين ليوضح مدي تقربه للآلهة.

خامساً: التماثيل الملكية ( قليلة ونادرة ) في تلك العصر منها:

(1)- تمثال صغير لأحد ملوك الأسرة الأولي:

عثر علي هذا التمثال وهو للملك بتاح الجنوب في مدينة أبيدوس - وهو مصنوع من العاج - محفوظ بالمتحف البريطاني، يظهر هذا التمثال الملك مرتدياً التاج الأبيض وعباءة الاحتفالات . ويعبر هذا التمثال عن رسوخ الفكر الديني في أداء طقسي للملك بتجديد شرعية الجلوس علي العرش (وهو ما يسمي بعيد الحب سد)، حيث نراه يتقدم بقدمه اليسري في حركة طقسية.

ومن الجدير بالملاحظة علي هذا التمثال الانحناءة الخفيفة للملك الظاهرة من تقوس بسيط في الظهر الي تتناسب مع طبيعة الاحتفال والأداء الطقسي للملك.. وربما تكون هذه الانحناءة دليلاً علي كبر السن أو ربما تكون نتيجة لاندفاع الملك في الجري حسب ما يقتضيه الطقس الديني.

(2)- تمثال الملك ( خع سخم ) من الأسرة الثانية:

عثر علي هذا التمثال في الكوم الأحمر - هيراكنبوليس، وهو مصنوع من حجر الشست ارتفاعه يبلغ 65,5 سم، العرض يبلغ 12,2 سم، الطول يبلغ 30 سم. محفوظ بالمتحف المصري. ويعتبر هذا التمثال خير مثال للنحت خلال هذا العصر فهو نموذج لأحد عباقرة النحت في تلك الفترة، حيث يبدو فيه التقدم والتطور الكبير الذي توصل إليه فن النحت.

ابدع الفنان في تشكيل ملامح الملك ( خع سخم ) وتفاصيل جسده كانت الرأس مكسور نصفه الأيمن، إلا أن النصف الأيسر منه أظهر ابداع الفنان في تشكيل ملامح الملك وفي ردائه الذي يشبه عباءة الاحتفالات ( حب سد ) وهو جالس علي العرش، كما نُحت علي المقعد من أسفل صور عليه الأعداء وهم صرعي في أوضاع مختلفة دليل علي قوة الملك وقهره للأعداء ومهارة الفنان وقدرته التعبيرية في تشكيلها تشكيلاً واقعياً وصقلة في حجر من أشد الصخور صلابة.

نتيجة لما سبق ذكره تتضح لنا سمات أسلوب فن عصر الأسرتين الأولي والثانية:

(1)- إنه فن ملكي يهدف إلي إظهار الملك في أجمل وأكمل صورة لهذا جاء بأسلوب مثالي.

(2)- ظهور اللوحات الحجرية التي سجلت الملوك عليها ألقابهم وأسماءهم الحورية، كما دخلت الرموز الهيروغليفية في تكوينات اللوحات المنحوتة.

(3)-  اتسمت بعض التماثيل الحيوانية وتماثيل الأفغراد بالطابع السحري أو الديني وذلك لأنها تعبر عن رمز أو فكرة معنوية. كما اتسمت التماثيل بالتكتل وإدغام الرأس في الكتف وتضخمها.

(4)- اتجاه الجزء الأعلي من الجسم ( الصدر ) إلي الأمام في تصوير الهيئة البشرية بأسلوب المواجهة أعطي انطباعاً بوجودعلاقة مباشرة ومحددة مع المشاهد. بالاضافة إلي الرجل المتحركة والذراع الممتد ( من الجانب الآخر ) يكون دائما أبعد عن المشاهد حتي لا تتداخل مع بعضهما. كما أن هذه الأعمال قد اتسمت بالرصانة والهدوء لسمو الهدف الذي صنعت من أجله بالرغم من قلة الآثار الفنية المنتسبة إلي عصر هاتين الأسرتين وذلك لاندثار معظمها أو تحطمها الا اننا نلمس نجاح هاتين الأسرتين فيما أرادوه من صبغ الحضارة المصرية بصبغة متجانسة.

(5)- وأخيراً، أرست دعائم مدرسة منف المثالية قواعد وأسس الفن في الدولة القديمة التي ازدهرت خلال عصور الأسرات التالية بالارتقاء بالكتابة واستخدامها في نطاق أكبر.