القائمة الرئيسية

الصفحات

‏الفن المصري القديم ‏| ‏المحاضرة ‏الأولي: تاريخ الفن ‏وطبيعته وأساليبه واتجاهاته

 ‏
الفن المصري القديم ‏| ‏المحاضرة ‏الأولي: تاريخ الفن وطبيعته ‏وأساليبه واتجاهاته

الفن المصري ‏القديم ‏| المحاضرة ‏الأولي: تاريخ الفن ‏وطبيعته وأساليبه واتجاهاته

يخضع فن كل أمه -كما تخضع أخلاقها- لمؤثرات عدة تختص بالطبيعة التي نشأت عليها. كالمناخ والمناظر وسائر ما تتميز به أمه عن أخري، وإذا كان الانسان يرتقي بعقله فأن الشعوب ترتقي بفنها حيث أن الفن هو الروح التي تتحدث عن تراث البشرية علي مر العصور لكي توضح مدي تقدمها وكذلك تعبر عن احاسيسها ومشاعرها وعواطفها وفقاً للأحوال المحيطة بها. ومن أجل ذلك اذا أردنا أن نفهم فناً ما، وجب علينا أن نبدأ بالتعرف علي عوامل هذا الفن، وأحواله وخصائصه، والجو الذي نشأ فيه. وإذا كانت الموسيقي هي غذاء الروح والرسم هو رمز الجمال فإن تاريخ الفن المصري القديم هو شمس مصر الساطعة التي تبعث بنورها إلي العالم بأجمعه. وان الفن والفنان المصري القديم يعتبران هما حجر الاساس لتاريخ الفن قديماً. حيث استطاع الفنان أن يجعل من الكتلة الصماء تحفة فنية رائعة عبرت عن أسمي معاني الجمال.

طبيعة الفن المصري القديم:

كانت مهمة الفنان المصري القديم هي إنتاج فن من نوع خاص يتسم في طبيعته بأنه سرمدي ( أي أبدي ) دائما ما دامت الحياة بعد الموت لأنه -في حقيقته- فن عقائدي لا يرتبط بزمن معين. ولأن الفن المصري فن ملكي مركزي ارتبط بمركز الحكم .. لهذا اقتران أسلوب الفن بالعاصمة التي احتوت الانتاج الفني وجعلت من العاصمة مركزاً للإشعاع الفني في ارجاء البلاد .. فجاء فناً متجانساً توحد فيه الأسلوب الفني والفكري والعقائدي. وقد أعجب الفنان المصري القديم بالطبيعة وحبه لها جعله يستنبط نتيجة لدورة الشمس وتتابع الليل والنهار، وكذلك تتابع الفصول الأربعة للسنه علي أن الحياة ممتدة وأن الموت يُعد ظاهرة مؤقتة تنقل بني البشر من حياة الدنيا إلي حياة الأخرة الخالدة. أما بالنسبة للنباتات البرية أو التي يزرعها والحيوانات والطيور، وكل ما تزخر به بيئته من مظاهر الحياة دفعته إلي التأمل والعيش معها كالمحب المتذوق لها. ومن كل ذلك تأثر الفنان المصري القديم وألهمته الطبيعة بأعماله الفنية عبر التاريخ.

أساليب الفن المصري القديم:

هو الصيغة التي ابتكرها الفنان المصري القديم واستقر عليها في تشكيل إنتاجه الفني لتحقيق هدف محدد منه يحمل في طياته سمات معينة تحدد معها خصائص ومميزات هذا الأسلوب والتي تميزه عن اي أسلوب آخر. فقد ساير الفن طبيعة حياة المصري القديم وظروف عصوره التاريخية، وترجم عنها كل ما نتج بها من تطورات وأحداث أدت إلي تغيير أسلوب الفن في كل عصر من هذه العصور .. فكان تغيير اتجاه الأسلوب الفني ناتجاً عن عدة عوامل منها تغيير الظروف السياسية والاقتصادية في البلاد أو تطور في العقيدة وفكرها أو تغيير مقر الحكم أو العاصمة .. بالاضافة إلي عوامل أخري كان لها أثرها المباشر في تغيير الأسلوب الفني، ومن هنا جاء تعدد أساليب الفن المصري القديم مثل: أسلوب المدرسة المنفية المثالية ، أسلوب المدرسة الطيبية الواقعية ، أسلوب مدرسة تل العمارنة وغيرها من مدارس الفن التي سوف ألقي الضوء عليها فيما بعد ان شاء الله تعالي.

اتجاهات الفن المصري القديم:

الاتجاهات الفنية هي أيضاً تُعد من الأساليب الفنية، ولكنها لم تأخذ صفة الفن الرسمي للدولة فمنها ما جاء وفق الأساليب الفنية الرسمية للدولة ( أي فن المراكز )، ومنها ما جاء نتيجة ظروف سياسية واقتصادية .. وذلك نتيجة تدهور أحوال البلاد أثناء فترات الانتقال .. التي أدت إلي ظهور ( النزعات المحلية الإإقليمية ) متأثرة بأسلوب الفن الرسمي للعصر السابق لها .. كما ظهرت اتجاهات فنية منذ عصور ما قبل التاريخ وأثناء العصور التاريخية .. ومن هذه الاتجاهات كان الآتي:

* اتجاه رمزي: 

بدأ الاتجاه الرمزي منذ العصور النقادية ( عصور ما قبل التاريخ ) حين اهتدي صانعو الأواني الفخارية إلي رسم بعض الرموز والعلامات علي أوانيهم، والتي تشير في الغالب إلي صانعيها أو مكان صنعها .. كما استطاع الفنان المصري القديم إلي توظيف هذه الرموز في صناعة بعض الأدوات والأواني في العصور التاريخية علي شكل ( علامة عنخ ) ، ( علامة توحيد القطرين ) وغيرها .. لتحقيق هدف عقائدي منها أو سياسي.

* اتجاه رمزي تركيبي:

جاء الاتجاه الرمزي التركيبي نتيجة تطور العقيدة وفكرها التراكمي .. حيث استطاع الفنان المصري القديم أن يبتكر أسلوباً رمزياً تركيبياً لصياغة صور الآلهة علي حسب ما تمليه عليه عقائده الفكرية مثل صور المعبود ( تحوت - خنوم - رع ) وغيرهم من المعبودات. كما استطاع توظيف بعض الرموز و العلامات الهيروغليفية في تجسيم اسم الملك في شكل تركيبي لطقل جالس أمام المعبود " حور " ممسكاً بيده علامة ( سو ) .. وغير ذلك من الأعمال الفنية.

* اتجاه تخطيطي:

ظهر هذا الاتجاه التخطيطي خلال عصور الدولة الحديثة مع بداية الأسرة الثامنة عشرة نتيجة انتشار استخدام ( أوراق البردي ) في الموضوعات المتعلقة بعالم الآخرة .. حين ظهرت رسوم تخطيطية مبسطة علي جدران المقابر الملكية ثم حورت بعد ذلك شيئاً فشيئاً إلي هيئة صور كاملة في العصور التالية.

ونتيجة لما تم عرضه في هذه المحاضرة نستنتج أن الفن بالنسبة للعقيدة كان بمثابة الظل للفنان المصري القديم .. وهذا ما جعل تنوع الأساليب والاتجاهات من أهم سمات الفن المصري القديم؛ وما طرأ علي الفن من تغييرات كانت أساساً في الأسلوب الفني الذي يمثل الإطار العام للفن وليس في جوهره.
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات